محطات

موقع عكا

عكا

عكا (بالانجليزية: Acre) من اقدم المدن الفلسطينية العريقة، تشتهر بشدة حصونها، ومينايها، وتاريخها الثري بحضارات عديدة قامت على ارضها، ومازالت شواهدها قايمة حتى اليوم. استخدم اسم عكا منذ الاف السنين، وكان اول من استخدمه المصريون القدماء في القرن الثاني قبل الميلاد، ويعود الاسم الى اساطير قديمة تقول ان المدينة قد كانت تسمى (عكو) ومنها جاء اسم عكا. في الزمان الماضي الجديد تعرضت عكا للاحتلال الاسراييلي في حادثة عام 1948م، وتصنف هذا النهار ضمن ما يطلق عليها اراضي عام 1948م، وهي الاراضي الفلسطينية التي تخضع للهيمنة الاسراييلية.[١][٢]

سكان عكا

قبل الحادثة كان اغلبية اهالي عكا من العرب الى منحى مجموعة ضييلة من اليهود، ولكن بعد عام 1948م تقهقر عدد العرب على نحو عظيم نتيجة لـ التهجير القصري من اراضيهم واستيطان اليهود فيها، واصبحوا يشكلون هذا النهار نسبة 35% من اهالي المدينة فقط بحسب احصاءات عام 2010م. يصل عدد اهالي المدينة 46 الف نسمة.[٢]

تتميز مدينة عكا بتنوع الديانات التي تضمها؛ فهنالك 4 ديانات في المدينة، وهي الاسلام، والمسيحية، واليهودية، والبهايية، ويمارس اتباع كل ديانة طقوسهم باماكن العبادة المخصصة بهم التي تنتشر عبر المدينة.[١] الى منحى الديانات المتنوعة، تنتشر لغات عديدة يتحدثها اهالي المدينة؛ وهي العربية، والانجليزية، والعبرية، والروسية، والفرنسية.[٣]

جغرافية عكا

الموقع

تقع مدينة عكا في في شمال فلسطين، تحديدا في الطرف التابع للشمال لخليج عكا، تحدها من الشمال راس الناقورة، ومن الجنوب جبل الكرمل، ومن الشرق يحد المدينة سفاح جبال الجليل ومستنقعات نهر النعامين، وتطل سواحلها الغربية على البحر الابيض المتوسط.[٤] تبعد المدينة عن مدينة فلسطين 179كم الى الشمال الغربي،[٢] وعليه، تتمتع عكا بموقع استراتيجي مهم للغاية لا سيما احاطتها بالاسوار والدفاعات الطبيعية من الجبال والتلال، الامر الذي يجعل الوصول اليها شاقا، ويجعلها امنة عكس الهجمات.[٤]

اما من ناحية البحر فيحيط بالمدينة سور عكا الذي يلتف حولها بطول 2,850كم، ويوفر حراسة قوية عكس اي هجمات بحرية،[٥] كما تضم سواحل عكا ميناء تاريخيا شهيرا للغاية ساعدها لتصبح مركزا تجاريا رييسيا لفترات طويلة عبر التاريخ.[٦] قد كانت جميع مباني عكا في الطليعة تقع داخل السور، وهي ما تسمى هذا النهار بعكا القديمة، وعندما زاد عدد السكان تمدد البنيان خارج السور، وهي المساحة التي تسمى بعكا الجديدة.[٤][٧]

المناخ

تتمتع مدينة عكا بطقس لطيف اغلب ايام السنة يمتاز بالدفء والاعتدال. يوصف صيف عكا بالحرارة والرطوبة؛ وهذا نتيجة لـ وقوعها على سواحل البحر. شهر اغسطس هو اعلى الشهور حرارة، حيث يبلغ معتدل درجات الحرارة فيه الى 26.7 درجة سيليزية، في حين يوصف شتاء عكا بالبرودة النسبية التي قد تميل الى الدفء في عديد من الاحيان، ويتزايد فيه معدل تساقط الامطار. شهر يناير هو اكثر اشهر السنة برودة، حيث يبلغ معتدل درجة الحرارة فيه الى 13.7 درجة سيليزية، ويصل معتدل معدل الهطول المطري في نفس الشهر الى 146ملم.[٨]

تاريخ عكا

تعد عكا من اقدم المدن التي تاسست في الزمان الماضي البشري، وتتميز بكثرة الحضارات التي قامت على ارضها وتركت كل منها اثارا في المدينة حتى اليوم. يرجع تاريخ تاسيسها الى القرن الثالث قبل الميلاد على يد قبيلة كنعانية تسمى بالجرجاشيين، اسموها (عكو) وحولوها الى ترتيب تجاري مهم جدا. في عام 1479 قبل الميلاد احتل المدينة جيش تحتمس الثالث المصري الى منحى البلاد السورية، ثم في عام 1324 قبل الميلاد احتل المدينة الفرعون سيتي الاول. تعرضت المدينة لمحاولات انتزاع من قبل العبرانيون، لكنهم لم يستطيعوا الوصول اليها.[٤]

استمر الحكم الكنعاني العربي للمدينة حتى القرن الثامن قبل الميلاد عندما خضعت لحكم الملك الاشوري شلمناصر الخامس، ثم في القرن السادس قبل الميلاد انضمت المدينة تحت الحكم الفارسي الذي حكم المساحة كاملة، وعند بدء حملات الاسكندر العظيم المقدوني في المساحة خضعت المدينة لحكمه في القرن الرابع قبل الميلاد. واصل تعاقب الانتزاع على مدينة عكا فخضعت لحكم البطالمة والسلوقيين خلفاء الاسكندر المقدوني بين سنين 285 – 247 قبل الميلاد، واسموها (بتولمايس). في طليعة القرن الثاني الميلادي خضعت المدينة لحكم السلوقيين، وفي عام 69 قبل الميلاد احتلتها جيوش الملك الارمني تيغرانس الى منحى سوريا.[٤]

الحكم الروماني

عندما اجتاح الرومان سوريا فتحت مدينة عكا على يد القايد بومبي في عام 64 قبل الميلاد، واصبحت المدينة جزءا من الاراضي السورية التي تحكمها الجمهورية الرومانية، في عام 47 قبل الميلاد زارها الامبراطور الروماني يوليوس قيصر. اكتسبت المدينة شهرة واسعة في عهد الجمهورية الرومانية، وازدهرت تجاريا على نحو اكبر، واشتهرت بنسج الحرير وصبغه بالارجوان. في عهد الامبراطور الروماني نيرون 54-68م قام الرومان بانشاء سبيل ساحلي بين انطاكيا شمالا ورفع جنوبا، الامر الذي ارتفع مكانة المدينة كمركز تجاري هام، واصبحت المدينة مركزا لتجارة الاسماك. بعد انقسام الجمهورية الرومانية في عام 395م انضمت عكا الى الجزء التابع للشرق من الامبراطورية، واصبحت جزءا من الجمهورية البيزنطية حتى القرن السابع الميلادي.[٤]

العهد الاسلامي

عند بدء الفتوحات الاسلامية في القرن السابع الميلادي فتح المدينة شرحبيل بن حسنة في عام 636م (16هـ) ودخلها الاسلام. نحو تولي معاوية بن ابي سفيان الولاية على جمهورية سوريا عام 640م (20هـ) عمل على تاسيس جيش بحري للدفاع عن المدينة من الجهة الساحلية، وعندها اسس اول اسطول بحري، وساعده على هذا احواض تشييد السفن التي قد كانت في المدينة من اثار الجمهورية البيزنطية، واصبحت المدينة تشتهر بتصنيع السفن، كما استغل المسلمون ميناء عكا لبدء الفتوحات الاسلامية عبر البحر المتوسط، فمن ميناء عكا انطلقت اول سفرية بحرية الى جزيرة قبرص عام 649م (28هـ)، ثم الى جزيرة رودس 654م (34هـ). اما في العصر الاموي اشتهرت المدينة بانتاج الزيتون وقصب السكر.[٤]

الحروب الصليبية

في خاتمة القرن الـ 11 الميلادي، اسس الصليبيون جمهورية في فلسطين، ولحمايتها، قاموا بالاستيلاء على المواني الفلسطينية، وقد كانت عكا تخضع لحكم الفاطميين في عام 1102م، وبعد العديد من محاولات، فشل الصليبيون بالسيطرة على ميناء عكا تحت حكم ملك منزل المقدس بغدوين الاول، الامر الذي جعله يطلب العون من اسطول مدينتي جنوا وبيزا، وحاصر اسطوليهما المدينة. بالرغم من الحماية الشديد عن المدينة، عجزت جيوش الجمهورية الفاطمية تحت قيادة زهر الدين الجيوشي عن الصمود، وبعد عشرون يوما، سقطت المدينة تحت حكم الصليبيين في عام 1104م. واصل حكم الصليبيين فيها حتى فتحها صلاح الدين الايوبي في عام 1187م، لكنهم عادوا واحتلوها لمية عام، حتى قضى عليهم سلطان المماليك الاشرف خليل بن قلاوون عام 1291م.[٤]

الدولة العثمانية

استعادت المدينة اهميتها التجارية في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلادين واسس الفرنسيون فيها مركزا تجاريا، الامر الذي جعلها تتقدم تجاريا، ونهضت المدينة عمرانيا في عهد الامير فخر الدين بن قرقماز الذي بنى فيها قصرا وجامعا ومركزا للجمرك. في عام 1750م اخضع الشيخ واضح السن الزيداني المدينة لحكمه واعاد ترميم جدرانها وحصونها وسورها، كما اصبحت المدينة مركزا لتجارة القطن والحرير والقمح. في عهد احمد باشا الجزار تم تحصين المدينة مرة اخرى، وبنى فيها سوقا ومسجدا على اسلوب اسطنبول، وبنى الجزار فيها الخان المعلوم بخان العمدان، وجر الماء الى المدينة، وفي عهده هزم نابليون هزيمة نكراء، وعاد ادراجه بعد فشله في انتزاع المدينة وانسحب من الاراضي السورية.[٤]

حصار نابليون

في عام 1799م قام نابليون بونابرت بتوجيه جيوشه الى مدينة عكا للاستيلاء عليها، وبالفعل، حاصرها برا وبحرا وجوا لفترة شهرين، بل القوات المسلحة العثماني بقيادة الجزار صمد في وجه نابليون وجيوشه بمساعدة من الاسطول الانجليزي بقيادة المشي سدني سميث الذي عزز دفاعات سور عكا واستولى على الاسطول الفرنسي.[٤] وبالرغم من ان جيوش نابليون حاصرت المدينة من جميع الجهات ووضع مدافع على التلال المجاورة للمدينة، الا انها لم تستطع الوصول الى المدينة، وصمدت عكا، فما كان من نابليون الا ان اقترب من سور المدينة ورمى قبعته داخل سورها، وقال حينها مقولته الشهيرة: (نابليون لم يدخل مدينة عكا، بل قبعته خاضت مدينة عكا). ولصمودها الجبار، سميت عكا بقاهرة الغزاة.[٩]

حرب 1948

كغيرها من مدن الشمال الفلسطيني وقعت عكا تحت الانتزاع الاسراييلي الناتج عن حرب 1948م التي احتل بعدها اليهود المدينة، وطردوا اهلها منها قصرا، واجبروهم على ترك منازلهم وممتلكاتهم، فنزح عددا كبيرا من اهالي المدينة، وبالتالي تقهقر عدد سكانها العرب على نحو عظيم وحل محلهم اليهود. حصيلة للتدفق العظيم لليهود الى المدينة زاد عدد اهالي مدينة عكا، وزاد عدد المستوطنات التي تحتضن السكان اليهود حتى وصل تعداد المدينة في عام 2001م الى 45.900 نسمة.[٤]

معالم عكا

نظرا للتاريخ الطويل الذي مر على مدينة عكا تتضمن المدينة على الكثير من الاثار الخالدة التي ترجع لحضارات وعصور مختلفة، والتي ما زالت قايمة حتى اليوم. ولاهمية المدينة التاريخية ادرجت المدينة ضمن قايمة اليونيسكو للتراث والاثار الدولية عام 2001م.[١٠] ومن ابرز المعالم التي تحتويها مدينة عكا ما ياتي:

  • قلعة عكا: من اشهر القلاع في العالم ومن اشهر معالم عكا. بنيت القلعة في القرن الثاني عشر الميلادي فوق انقاض القلعة الصليبية. يبقى في القلعة سجن عكا المشهور؛ حيث كان يحبس فيه المساجين ويتم تطبيق حكم الاعدام عليهم.[١١]
  • القلعة الهوسبيتلرية: ترجع تلك القلعة الى الجمهورية الصليبية التي قامت في عكا، حيث كان الصليبيون يستخدمونها للعديد من اغراض. الهوسبيتلاريون هم رهبان قد كانت مهمتهم المحافظة على سلامة الرعايا المسيحيين في عكا.[١٢]
  • نفق الفرسان: هو نفق يطول لطول 350 مترا في القلعة التمبلارية التي بناها حراس المعبد الصليبيين في عكا، ويمتد من القلعة حتى ميناء المدينة، وكان يستعمل كممر استراتيجي خفي تحت الارض. اكتشف النفق في عام 1994م.[١٣]
  • حمام الباشا: بناه احمد باشا الجزار في خاتمة القرن 18 الميلادي، وكان يسمى بالحمام الجديد، ثم بحمام الباشا. جاء تشييد الحمام كجزء من جهود الجزار لتطوير المدينة في مرحلة الجمهورية العثمانية. يتكون الحمام من ثلاثة اجزاء رييسة الى منحى العديد من غرف.[١٤]
  • ميناء عكا: من اهم مواني فلسطين، ومن اقدم المواني التاريخية في العالم، لعب دورا هاما في الكثير من الاحداث عبر التاريخ، واليوم تبدل الى ميناء سياحي يستقبل الزوار.[٦]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى